نعم نعم .. مرة أخرى نحن هنا للحديث عن التحكيم وتقنية الفيديو، ولكن ليس لتحليل حالة أو حالتين في مباراة عبر زاوية “عين على الحكم” ولكن لمناقشة أسبوع بأكمله تحول الجدل فيه من الأحداث الكروية إلى القرارات التي تسببت في تحويل نتيجة مباراة أو قد تلعب دوراً في وداع فريق لدوري الأبطال أو حتى خسارته لدوري!
أشعل ريال مدريد الأجواء عندما قرر أن يخرج ببيان رسمي اتهم فيه لجنة التحكيم بالتلاعب بمسابقة الليجا عقب مباراة إسبانيول التي خسرها 1-0 الجولة قبل الماضية وكانت أبرز لقطاتها عدم تعرض صاحب الهدف الوحيد كارلوس روميرو للطرد بعد تدخل عنيف على كيليان مبابي، بيان أشعل الأجواء الملتهبة أساساً في إسبانيا منذ بداية الموسم ليس فقط بسبب الصراع الثلاثي على قمة الليجا بين الملكي وجاره أتلتيكو وبرشلونة، ولكن بسبب تكرر الأخطاء التحكيمية في كل مباراة، أو على الأقل حدوث حالة تحكيمية بكل لقاء تثير الجدل، وآخرها ركلة جزاء في الديربي ضد أوريليين تشواميني جعلت كارلو أنشيلوتي يخرج عن شعوره، وقناة النادي الملكي تواصل حربها مع الحكام المستمرة لسنوات الآن!
عدوى سوء التحكيم لم تتوقف عند الليجا هذا الأسبوع ولكن انتقلت لدوري أبطال أوروبا، إذ شهدت ليلة الأربعاء خطأين فادحين، الأول باحتساب ركلة جزاء بالدقيقة الأخيرة من عمر لقاء بروج ضد أتالانتا لصالح الأول بسبب “ملامسة” ذراع مدافع أتالانتا لوجه مهاجم الفريق البلجيكي، والثانية طرد الليبي المعتصم المصراتي، لاعب موناكو، بسبب بطاقة صفراء ثانية فقط لأنه طالب الحكم بإشهار بطاقة صفراء في وجه مدافع بنفيكا بسبب تدخله العنيف على زميله.
الوصف الكلامي للحالتين لو لم تشاهدهما قد تعتقد أن هناك مجالاً للنقاش، ولكن من تابع اللقطتين مباشرة ولعب أو يشاهد كرة القدم دوماً سيفهم أن كليهما يدخلان في نطاق “التفاعل الطبيعي”، وسيتفهم ماتيو لاهوز، الحكم الإسباني السابق، الذي بالأمس وصف الحالتين بأنهم “يقتلون كرة القدم”، أو لماذا قرر بيبي بيرجومي، أسطورة إيطاليا، “الاستسلام وعدم التعليق مجدداً على تلك الحالات”، أو غضب مدرب أتالانتا جيان بييرو جاسبيريني العارم أثناء وبعد اللقاء وهجومه على الطاقم التحكيمي والاتحاد الأوروبي والجميع!
الموسم الحالي شهد في كل الدوريات تقريباً أخطاءً تحكيمية فجة، من ينسى هدف روبرت ليفاندوفسكي ضد ريال سوسييداد، وتكرر ضرب فيرجيل فان دايك لمنافسيه في البريميرليج دون أي تدخل لتقنية الفيديو، وفي إيطاليا كرة خرجت لقرابة 20 سم تسببت في ركنية سجل منها إنتر هدفاً قد يغير شكل المنافسة على الدوري، ولكن في نفس المباراة احتسبت ضده ركلة جزاء للمسة يد مشابهة لعدة حالات تكررت على مدار الدوري ولم يُحتسب أي منها!
بهذا النسق، كل أسبوع هناك حالة جدلية في مباراة تهدد مسار بطولة، لقب الليجا قد يُحسم لأحد الثلاثي بسبب ذلك، وخطأ ضد أو لصالح إنتر أو نابولي قد يهدي أحدهما السكوديتو، وأتالانتا وموناكو قد يودعان دوري الأبطال بسبب ما حدث في الذهاب وقد نرى بعد ما هو أسوأ في المراحل القادمة، والسؤال هنا ماذا تفعل تقنية حكم الفيديو المساعد بالظبط؟ الحكم ومساعديه بشر معرضون للخطأ في الملعب، فما حجة من هم في الغرف المغلقة بكل تلك الشاشات والتكنولوجيا؟ حتى الخطوط المليمترية التي أتحفونا بها أصبحت تشهد جدلاً بسبب استقامتها ووضعها على اللاعب الصحيح، و”روح” اللعبة مات في حالات تجعلك تشك أن هؤلاء كانوا حكاماً يوماً ما ويعرفون أنها لعبة احتكاكات وأن المدافع يملك ذراعين يتحركان مع تحركه!
الحل؟ لا نقول إن تقنية الفار قد فشلت، بالعكس، هي أعادت الحق لأصحابه وصلحت العديد من الكوارث مرات عديدة، ولكن تطبيقها هو ما يحتاج مراجعة، لا يمكن أن لا يتدخل حكم الفيديو لأن الحكم أشهر إنذاراً وليس طرد مباشر أو لأن كرة تخطت حدود الملعب ولكن ليس في لعبة هدف، ربما يجب زيادة الصلاحيات، أو تقليصها لتقتصر على ألعاب بعينها مثل التسلل وخط المرمى حيث تكون التكنولوجيا الفيصل، أو جعلها في صورة تحديات مثل كرة المضرب والطائرة، وإلا إذا استمر الوضع الحالي، ستتحول كرة القدم لساحة حرب على شاكلة ما يحدث في تركيا بقيادة جوزيه مورينيو وفنربخشه ضد جلطة سراي، مسلسل أسبوعي أشبه بالدراما التفازية للبلاد، وإصداراته الإسبانية والإيطالية والإنجليزية أصبحت متاحة الآن!